هي مكتبة عالمية للنباتات، حديقة الحامة في الجزائر تعد إحدى ثلاث أكبر حدائق تاريخية في العالم،صنفها الفرنسيون من بين أحسن خمس حدائق عالمية، تعود نشأتها إلى سنة 1832 ، تتوسط حي بلكور الشعبي في الجزائر. هي إذن حديقة الحامة، هذه الحديقة المتميزة الغناء التي غلقت أبوابها لمدة دامت ثمانية سنوات، فتحت أبوابها من جديد في عام 2009 بعد شوق لهيف لعشاق هذه الجنة الخضراء.
زيارتنا لها كانت في الأيام الأولى، أنا وزميلي المصور، لم يكن بالآمر الهين أن نصل إلى الحديقة وندخلها، فقد كان عدد الزوار اللذين جاءوا من مختلف الولايات يومها خياليا وكأن الجميع كانوا في انتظار أن تفتح الحديقة أبوابها.
لم أعرف سر التوافد المستمر وسر العدد الهائل للزوار حتى دخلت الحديقة ورأيت جمالها وتلمست جمال كل شبر منها.
الإقبال المتكاثف لمختلف الشرائح الاجتماعية من شيوخ وطلبة وتلاميذ وربات بيوت أدهش مسؤولي الحديقة وعمالها الذين كانوا في حالة تأهب تامة لمراقبة الزوار خصوصا الأطفال الذين يتميزون بالفضول الزائد الذي يدفعهم للمس النباتات وقطف الأزهار وربما إفسادها، وبالتالي فإن مهمة عمال الحديقة في هذه الحالة هي توعية الزائرين وتحسيسهم بضرورة المحافظة على النبتة أيا كان نوعها.
ونحن نتجول في الحديقة التقينا صدفة بالفوج المكلف بالمحافظة على حديقة النباتات، اقتربنا منهم للاستفسار عن النباتات الموجودة في الحديقة وعن الشيء الجديد فيها، فقد صرحت لنا الآنسة “كريمة يحي” أن هناك نباتات جديدة أدخلت إلى الحديقة سواء منها الخارجية والمحلية التي بدأ الاهتمام بها في هذا العام مثل شجرة الأرز الاطلسي ونباتات الفوجاFouger)-) والطحالب، كما نجد في الحديقة نباتات نادرة ومهمة كالسيكاس والجينكو وأشجار الواشنطونيا.
الساعة تشير إلى الثانية والنصف زوالا، تستمر جولتنا في حديقة التجارب المقسمة إلى جناحين أو إلى حديقتين، الحديقة الفرنسية والحديقة الانجليزية، وقد سميت الحديقة الفرنسية حسب الآنسة كريمة نسبة لطريقة تنسيق النباتات الموجودة فيها والتي تأخذ شكل التوازي، فكل ما هو موجود في الجهة اليمنى نجده في الجهة اليسرى، وتضيف الآنسة كريمة أن تدخل الإنسان في الحديقة الفرنسية يكون ظاهرا للعيان وهذا عكس ما نراه أو نجده في الحديقة الإنجليزية.
تفصل بين الحديقتين ثلاث ممرات رئيسية كممر البومبو (boombo)الذي يقطعها من الشرق إلى الغرب ويقسمها إلى قسمين شمالي وجنوبي، وممر دارسينا (Dracina) الذي يقسم الحديقة إلى جهتين، الجهة الشرقية والجهة الغربية، أما ممر فيكوس ( fikous)فيقطعها من الشمال إلى الجنوب، وبالإضافة إلى هذه الممرات الرئيسية نجد ممرات ثانوية مثل ممر البلاطان وممر الخيزران وتعود تسمية هذه الممرات نسبة للأشجار المغروسة فيها.
حديقة الحامة لوحة فنية نادرة
تحتوي الحديقة الفرنسية على أشجار النخيل الباسقة وتسمى “واشنطونيا” إضافة إلى تلك الأزهار الملونة المفترشة على البساط العشبي الأخضر، إنها فعلا لوحة فنية لا تضاهيها لوحة رسام، فلكم أن تتخيلوا المنظر الجميل لأي حديقة عندما تكون هذه الحديقة تطل على البحر، نسيم يلامس أوراق نباتات الحديقة ويداعب أجنحة فراشاتها، وزقزقة العصافير التي تطرب آذان سامعيها إنها فعلا جنة فوق الأرض، جنة تتمنى الخلود فيها لآخر ساعة من أنفاسك، هي بكل بساطة الحديقة الفرنسية، الجميع هنا يتأمل الجمال المتناسق لها ويتمتع بالمنظر البديع والمشهد الخلاب لنباتات وأشجار هذه الحديقة التي أبدع الإنسان في تزيينها أيما إبداع، الكل يلتقط صورا للذكرى لعلها تكون أجمل ذكرى في أجمل وأكبر حديقة سياحية بالجزائر.
ونحن في الحديقة الفرنسية اقتربنا من عائلة عبد الرحمن الذي كان برفقة زوجته وولديه “دنيا” و”ريان” سألناه عن انطباعه اتجاه الحديقة، فأجاب بدون تردد: لقد أعجبتني الحديقة وأعجبني النظام الداخلي الجديد لها فثمن الدخول الذي يتراوح( 30دج) معقول وفي متناول الجميع، فأنا أعتبر الحديقة مكانا نوعيا للراحة والترفيه سواء للكبار أو الصغار وقد قررت منذ اليوم أن أصطحب عائلتي مرة كل أسبوع أما “ريان” و”دنيا” فقد كانت الفرحة بادية على وجهيهما وبلغة البراءة يقول كل من ريان ودنيا: أعجبتنا الحديقة وخاصة الحيوانات كالجمال والقردة والأسماك والطيور…”
لازالت جولتنا مستمرة في حديقة التجارب بالحامة، نخرج الآن من الحديقة الفرنسية لنجد أنفسنا رفقة مرشدينا في الحديقة الإنجليزية التي لا تقل جمالا عن الحديقة الأولى، خرير المياه ينبعث من أحواض تتوسط الحديقة، مزينة بأسماك ملونة جلبت الزوار وسرقت الأنظار، تماثيل منصوبة في الحديقة، أشجار ضخمة متدلية بأغصانها تكاد تلامس سطح الأرض ونباتات كثيفة أوراقها.
وأنت في الحديقة الانجليزية تحس وكأنك في أدغال إفريقيا، تشعر بنوع من الهدوء و الراحة ، حتى أنك تنسى كل همومك وأتعابك في الحياة، هي فعلا حديقة للترفيه عن النفس، مكان للإحساس بأهمية البيئة وجمال الأماكن السياحية في وطننا المتشعب، ومكان قد ينطق فيه القلم، وتسبح فيه الريشة ، ليلتقي الشعر بالفن، أتأسف لأني قد لا أستطيع أن أقول كل شيء أو أن أصف كل زاوية من زوايا هذه الحديقة لان لساني قد أخرسته الطبيعة فلم يعد يقدر على التكلم وشفاهي ختم عليها الإعجاب فلم تعد تقدر على الحراك، فسبحان الله وشكرا للخالق المصور، بديع السموات والأرض.
لقد اكتست حديقة التجارب بعد خمس سنوات من الأشغال والإصلاحات حلة جديدة عنوانها الروعة والجمال، قد تمكنها من استعادة مكانتها العالمية التي كانت تحتلها قبل 50 عاما خصوصا وأن الحديقة هي متحف فعلي للطبيعة كيف لا وهي تتوفر على أشجار يزيد عمرها عن 150سنة، كما أننا نجد نباتات نادرة وفريدة من نوعها لا تتوفر في الحدائق العادية التي لا تحظى بمناخ طبيعي كالمناخ السائد في الحامة والذي تتراوح درجة حرارته من 06 إلى 38° صيفا ولا تنخفض عن 15 شتاء.
بجانب حديقة البستنة توجد مساحة واسعة للاستراحة مجهزة بكراسي وطاولات خشبية تتلاءم مع الديكور الطبيعي لها ومع أشعة الشمس المتسللة بين أغصان أشجار البلميط والبليسات العريقة التي ترتفع عن 30 مترا.أخذنا قسطا من الراحة ورحنا نكمل جولتنا في الحديقة باتجاه حديقة الحيوانات الخاصة بها، قبل أن نصل إلى الحديقة وبدون أن اعلم أنها موجودة هناك لفت انتباهي حشد غفير من الزائرين كانوا متجمعين أمام باب لست أدري أين يؤدي، سألت زميلي المصور “ماذا هناك” فأجاب وصلنا إلى حديقة الحيوانات.
عقارب الساعة تشير إلى الثالثة وأربعين دقيقة، انه وقت الخروج مع الأسف لم استطع الدخول إلى حديقة الحيوانات فأربع ساعات لم تكن كافية للتجول في كل أرجاء الحديقة لكني وعدت نفسي أن يكون لقرائنا الأعزاء صفحة خاصة بحديقة الحيوانات التابعة لحديقة التجارب بالحامة في أعدادنا اللاحقة بإذن الله .
انتهى وقتنا في حديقة الحامة في الجزائر ، وهكذا وبخطى ثقيلة نتجه إلى الباب الرئيسي للحديقة، بعدما أمضينا ساعات من التنزه والاستفسار في نفس الوقت: أملا في إيصال ولو القليل عن حديقة الجزائر حديقة الحامة.
روبرتاج غطرة سامية / تصوير إسماعيل قاسمي
3 تعليقات
mimi meghaier
جنة فوق الأرض يا جزائر
شيماء
حديقة الحامة حديقة جميلة خلابة ارجوا ان ازورها
صهيب
rouka bbbbbbbb